’’ يجتاحني الشوق إليك يخرجني خارج حدود الجاذبية .. يجردني من مفاهيم النسبية .. لأصير معنىً موضوعاً من الشوق إليك ’’ ..
تتغلغل لحظات السجن عميقاً في بقايا الذاكرة المتبقية والمتشظية لآلاف من الصور والأفكار والجمل وربما لعبارات قصيرة كانت قصائد أو مطالع لقصائد لتلك التي سكنت – عابرةً كل الحدود – بقايا القلب والروح والذاكرة .
ملايين من الأشياء والذواكر القديمة تعود , وفي خضم اعتلائك لأمواج الذاكرة وتدهورك في وحل المستقبل والعودة إلى سيجارة (الجيتان ) المشتعلة تدور وتدور في ذات المكان والزمان عائداً – بقوةٍ ما – إلى ذات السرير وذات الظلام , ذات القلم والورقة ذات الوجوه وذات الضياع .. تقفز أمامك الأيام السعيدة الحزينة القديمة وتعود إلى ذات المحطة وذات القطار , قطار التذكرة وحيدة الاتجاه , تذكرة اللاعودة ..
وحيدُ ثابت في مخاضات الموت التي تعيش .. روح واحدة , حب واحد , أمي ..
يجتاحني الشوق إليكِ , يخرجني خارج جميع الحدود والنطاقات والأسوار – المرسومة والغير مرسومة – ينتشلني من أعمق أعماق الألم , يطير بي عالياً لأشاهد أمي ومنزلي من بعيد .. تنقطع القوة المحركة والشوقية الدافعة لأعود وأسقط من السماء مرتطماً بأعمق أعماق الكآبة والصمت بقوة الجاذبية الحزنية – حسب قانون الضياع للجاذبية – أعود إلى ذات المكان والزمان .. وإلى ذات المكان أعود .
أعود , مساحة تكفي لتنام جثة واحدة محملة بطاقتها الحزنية والكآبية , سراديب من الظلام والبرد والقهر , سراديب نهاية كل الأشياء .. إليها أعود .
تتغلغل لحظات السجن عميقاً في شرايين الذاكرة , تطوق أنفاسي عتمة لا متناهية الأبعاد والحدود .. أسير بعيداً في الذاكرة عبر رمال الصمت , أتوه وأتوه وأنا أحصي رمال الصمت , أموت وأحيا آلاف المرات باحثاً عن الطريق ولا أجده .. ساعات من بحر العمر الضائع تاهت في أقبية تملأها بقايا جثث لكائنات بشرية سابقة , وفي خلايا الرأس تنبض ملايين وملايين القصص والتحليلات والتفسيرات المنطقية واللامنطقية , تدور وتدور كجمجمتي , وأعود أخيراً بلا جواب لذات المكان , لذات السجن , لذات الموت وذات النهاية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق